Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
prometheus
17 août 2005

ألم أسفل البطن

قصة قصيرة desir

جلست تتصفح كتبها...كانا وحدهما في صالة المطالعة الخاصة بالتاريخ و الجغرافيا...كان جائعا تعبا...و كانت مغرية، شيقة و لذيذة...تتعمد إطالة الانحناء أمامه حتى ترتفع ملابسها عن ظهر أبيض مرمري، لم تكن جميلة لكنه كان جائعا و لم يكن  بيده أن يختار، حكم عليه التاريخ و فرضت عليه الجغرافيا ذلك...كانت تجلس قبالته حينما تأتي بكتاب جديد...تتحرك فوق كرسيها بسرعة و نرفزة، و تسترق نظرات غريبة إليه من بين نظارتيها السميكين من حين لآخر...

تعود لتقف واضعة يدها على ظهرها العاري...يتأمل يدها، خشنة و غير متناسقة، لكن مؤخرتها و ظهرها الأبيض و نهديها الصغيرين اللذين تخفيهما حمالة نهد سوداء، يجعلانه يتقد و يتقد في جهنم جوعه...

تقف بمحاذاة رف الكتب...تنظر و تتصفح...تعبث بشعرها و معه بأحاسيسه الجوعى كلها...يحس ألما أسفل بطنه...لكنه ألم لذيذ على كل حال...فكر : هل هي الأخرى تحس نفس الألم اللذيذ...ربما، قد يسألها فيما بعد...

تسرح به ذاكرته بعيدا إلى كل الأجساد التي ذاق بياضها و حمرتها و سوادها...يتذكر نتوءاتها، تفاصيل عريها، حركاتها، تموجات روائحها، أصواتها، و حتى كلماتها...يحس أن ألم أسفل بطنه، يزداد و يزداد و تزداد معه تلك اللذة الجهنمية العجيبة...لم خلقت اللذة مقرونة بالألم..؟ يفكر أن حياة الإنسان بئيسة في كل شيء حتى المتعة.

ينسى أفكاره و يغوص في تفاصيل الجسد الأبيض الذي أمامه...يتخيلها نازعة قميصها فالوقت صيف و الحر لا يطاق كمثل جوعه...فلتنزعي عنك قميصك...لم مضى زمن تغليق الأبواب و دعوات الصلاة في محراب الجسد..؟ انزعي قميصك عنك...افعلي ما هو حري بامرأة عرفت كل هذا القدر من الكتب التي تحكي مآسي آلآلاف سنين مضت ، و تصف بؤس أماكن لا تخطر على بالنا إلا لحظات لذتنا فتقترن بها أبدا...

انزعي قميصك، اتركي حمالة النهدين لتوقد سعير جوعي، و لتفترشي حضني و لنحلق سوية...معيدين كتابة كل حقائق صالة المطالعة التي تضمنا، فكل ما فيها لا يجاوز تراهات أناس خنقتهم آلام أسفل بطونهم فاضطروا إلى دفنها و ترجمتها إلى كل هذا القدر من المآسي...

شك للحظات أنها سمعت نداءه ازداد شكه حينما اقتربت منه...زاده اقترابها لهيبا على لهيبه...و أسفل بطنه لا زال على حاله ألم في ألم...تجاوزته إلى رفوف الكتب، مررت يدها عليه بحركة عصبية، ربما هي بداية اكتشافها لحقيقتها...انتظر أن تلبي دعوته، كان صوت في داخله يدعوه إلى الإيمان و اليقين بما سيحدث...سيقيم جسديهما و لن يقعدهما إلا بعد أن يكشف تراهات المؤرخين و الجغرافيين و هي ستكون صاحبة مجده التليد و معبد الكشف الثمين.

انصرفت عن الكتب...إلى كتبها...ينظر إليها...يتأملها بعينيه الجاحظتين المتعبتين الجائعتين...تلم أغراضها و تنظر إليه...خالها تفكر في عرضه... استعد ليدلي بمزيد حجاج...لم تمنحه الفرصة و فضلت المغادرة مبقية على تراهات الكتب و الكتاب...و على آلام أسفل بطنه التي تدعوه إلى خلق مآسي جديدة تضمها قاعة المطالعة...

عز الدين

جوان - جويلية 2005

المكتبة الوطنية / الرباط

Publicité
Commentaires
A
je ne peux pas sentir la douleure décrite par ton travail mais il me donne une idée nette sur l'effet et l'influence du comportement vestimentaire decrit sur ...les êtres humains...
Y
تخيلت الفتاةذات حمالة النهد السوداء ونفذإلي دواخلي جوعك لحظتها ولمست قوة ذلك الحوار الخفي الذي دار بينكما دون عبارات وباقل الاشارات وهذا لعمري ابلغ مايمكن ان يحدثه عمل ادبي في قارئ<br /> تحية صادقة<br /> يوسف
prometheus
Publicité
Archives
Publicité