Le silence de Shéhérazade
منذ مدة وشهرزاد ساكتة عن الكلام المباح...رفضت قواعد اللعبة في محكياتها القديمة وامتنعت هذه المرة عن الكلام في الليل والنهار. شهرزاد وعت بكونها أنثى وصارت تستغل سلطتها وتمارس نفس طغيان شهريار القديم.
شهرزاد القديمة، تلك التي كانت تستغل رغبات الجسد المحمومة عند شهريار وتعب نفسه التي أضناها البحث عن مستقر لأحلامها، لتجعل منه عبدها بعد أن كانت الضحية ما عادت مقتنعة بدورها، ترسم لنفسها اليوم خطوط ملعب هي السيدة فيه بلا منازع...وحتى ذلك التدلل الذي يخفي جبروتها قررت أن تتخلص منه، فلا مرد اليوم لقضائها.
أما شهريار فقد استكان تحت غطاء الأمان والحب بعدما عانق جسدها اللعين وتخيلت نفسه أنها وجدت مرساها الموعود، وما علم المسكين أن الدفء مجرد وهم، مجرد سراب يسري مع عروقه، يسري ويسري حتى تتخدر أعصابه ويفقد القدرة على الإرادة والفعل، لتهوي عليه خنجر قديمة، ما نسيت يوما ثأرها القديم.
شهرزاد ملت من الكلام المباح وغير المباح، سئمت من عبرها المكرورة التي لم تعد تهم أحدا، واكتشفت سلاحا أكثر فتكا...اكتشفت الصمت، فما يفعله في الوجدان أقسى من كل الحكايا، أقسى من كل الآمال التي لم تحقق، أقسى من كل الرغبات التي ظلت سجينة جسد واهن أو همة فاترة.
وما مطمح شهرزاد الصامتة؟ مكرها وحده يملك اليقين، أما باقي صفاتها، ضعفها...غنجها، رقتها، جمالها...فهي كلها جوار في مخدع المكر اللعين، يرسلهن في مهام، فواحدة للغواية، وأخرى للإذلال وثالثة لإشعال ما خمد من نوازع النفس النائمة...وتحير نفسي بين الاستكانة إلى صمتها نائما في عسل ماض قريب وانتظار طعنتها بين الحين والحين، وبين أن أطعن صدري بيدي وأعلن الحداد على نفسي، علها تكون بداية الليلة الثانية بعد الألف ليلية.
عزالدين الهادف