مع الرفاق
ربما أكون من المناصرين لدعوة أن الماضي أجمل من الحاضر...ليس لأني أخافه بقدر ما أعشق ترسبات الماضي روائحه و ألوانه و مختلف مكوناته...و قد أمضي الساعات الطوال في تقليبه و نبشه علني أجد فيه ذكرى سعادة مسترقة...مغتصبة من سياق انشغال و تساؤل دائمين .و حين أفكر في المسألة بنوع من التعمق المصاحب بالإستغراب أحيانا فإني أجد نفسي شبه مقتنع أن الأمر لا يعدو كونه مرحلة من مراحل العمر المتقلبة و التي تجد في التمرد و السخط و الرغبة في إضرام النار في كل القيود...تجد في كل هذا و أكثر منه أحيانا صفات و جودها و رمز تحققها ضاربة بعرض الحائط كل منظومات القيم السابقة لها في الوجود رغم أن ذلك قد يسبب في أحيان كثيرة خروجا عن دائرة المتعارف عليه و المقبول و الوقوع في و ضع النشاز الممنوع و الذي قد نصفه بالخطأ.
تسومني ذكرياتي سوء العذاب فأجدني أعود إليها تائبا و في أحيان كثيرة أخرى غاضبا أو معاتبا علني أظفر منها بلحظات و صل أعتبرها الآن مقاطع من جنة و جدت على الارض يوما و اتاها في هنيهة غفلة داعي الفراق و ما ترك منها إلا ما تجود به علينا الذاكرة.
و أمر الذاكرة غريب هو الآخر ذلك الخزان العجيب أو ما يحلو لي أن أسميه الثقب الأسود بما له من قدرة على احتواء كل أنواع المعيش تخيلا كان أو واقعا و بجميع تفاصيله و دقائق تكوينه ثم تعيده علينا في مناسبات أخرى مرة ببخل و تقتير و مرة بفيض و سخاء و مرات بترميز قد تحار في محاولة فكه و كشفه ألبابنا...و حتى حينما نحاول مثلا الإجابة على سؤال لم تذكرت هذا الآن وليس شيئا آخر أو في وقت وزمن مغير...أحيانا نجد الجواب قر يبا و سهلا كأن يكون فعل التذكر مثلا مرتبطا بمهيج معين ...رائحة أو ربما صورة ما...لكن في أحيان كثيرة اخرى يصبح السؤال أعقد من أن يشمله أو يحيطه جواب محدد...مثلا الأحلام ففيها تمتزج كل الحيوات مشكلة كل ليلة أروع لوحة...أيضا في لحظات ضعفنا و كآبتنا نجد في ذاكرتنا خير رفيق...