الشيخ صاحب الإشراقات
الشيخ محب الحياة صاحب الإشراقات
أومن أن هناك أناس إن لم نعرفهم طيلة حياتنا فإننا بالتأكيد نكون قد خسرنا الشيء الكثير و شيخنا صاحب الإشراقات منهم...
ما إن تعرفه حتى يأسرك بسحر خاص يحار لبك في سبيل إدراك كنهه، أهي روحه الشفافة الرقراقة كصهباء أرقها الغرام، أم هي تلك الحميمية التي تشل مناعة عزلتك و تخترقك باعثة في دواخل نفسك نسائم المحبة و السلام.
سمرته الصافية صفاء الأصل، تعود بك إلى زمن بعيد، تسافر بك إلى قصور بغداد ودمشق أيام الأنس و أقداح الراح و الجواري الملاح، فتخاله زريابا متربعا يخته و العود في يده يشجو ألحان الحنين و الشوق إلى لحظات الوصل بالفردوس المفقود.
وذلك العطش العجيب، يطل من عينيه فيخبرك ببعض محطات عشقه للحياة، فقد جرب كل السبل عله يظفر بوصالها، و انحرف في بداياته متخذا جميع الطرق التي لا تخطر ببال أحد، تساءل المتطفلون و ارتاب ضعفاء الطريقة و يقينه هو ثابت راسخ في حبها، وعاد ليتخذ سبيل من حوله مبشرا بشيخ قادم من داخله، إشراقاته ستقهر خفافيش الظلام و تعيد انسياب النور إلى شرايين بني البشر.
إمام أهل الهوى هو، و قاضيهم الذي يأتمرون بأمره و ينزلون عند مشيئته، والنصيحة لمن أراد الانتصاح أن لا يقصده في أمر من أمور الهوى و صاحبة أمره معه، فلا أضمن أن يعود بأياد فارغة كقلب أم موسى و قلب متحسر مكلوم من ألاعيب القاضي و أفانينه في القول، قصده ليعينه على صاحبته فاستأثر بها و أراحه من وجع الشكوى بالبتر.
واعلم- رحمك الله – أن له في النساء نظرة حصيفة قلما تخيب، فعالمه سماوي يؤثثه بكل كيان لطيف و بكل طيف جميل فكأنه الدر المكنون، فتجد السمراء الحالمة، من تقطر رقة و تذوب إحساسا حتى تخال نفسك و أنت بصحبتها نسمة عاشقة، وهناك البيضاء الحليبية التي تغرقك في عجاج أحاسيسها ونتوءات مدركاتها، و هناك الشقراء و الغربية و الشرقية...عالم هو الوحيد القادر على نظمه و احتمال سحره.
حلوله جاهزة لكل أمر، و إشراقاته تسعف في كل موقف، فطوبى لمن لازمه فقد أدرك سر الخروج من كل مأزق، و أياديه البيضاء أغرقت العالم في بحر فيضه، فتراه مهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله، فهو يؤمن أن الصديق هو نفس النفس و أن اليوم علي ما دام لي و غدا عليك ما دام لك.
لا هو بالخب و لا الخب قادر أن يخدعه، هو صحفي عاشق للأخبار، و خاطب غارق في ود الشجر و الحيوان و الجداول، و مبدع يترنح العود حين لقياه نغما و يتيه طربا، حياته متحف يضم أصيل من الموجودات، و روحه موسيقى أم كلثوم و عبد الوهاب و أسمهان و موزار و بيتهوفن و كل مبدعي الزمن الجميل.
ينفلت عن كل وصف أبدعه البشر، فلا هو بالماجن الفاسق و لا هو بالناسك الزاهد، إنما أبدع لنفسه منزلة بين المنزلتين، وأطرها بإشراقات صارت شعائر يهتدي بها في طريقته كل مريد، عنوانها حب الحياة و التوق إلى كسر كل القيود التي تمنع الروح من الحلول في عالم من الحب و الشعر و الرقة و العذوبة و العدالة التي انمحت.
هو الشيخ يوسف الساتاني محب الحياة صاحب الإشراقات.